أبو الفتوح يكتب: وداع نصار .. وحلم الاستراتيجية (١-٢)
“نحن لا نخترع العجلة”.. هذا كان عنوان مقالي منذ أكثر من ٦ سنوات؛ عندما كانت الدولة تناقش مقترح استراتيجية صناعة السيارات، وكان تعليق صديقي وأخي وصاحب الرؤية المغفور له عمرو نصار آنذاك: “إننا بحق نهدر الوقت والمجهود في مناقشات لن تسفر عن شيء”.. وكان رأيه الدائم أنه لابد من تقديم حوافز للمُصَّنِع وأن يتم تقديم قانون بذلك.
حلم الاستراتيجية
ويشاء القدر ويصبح نصار وزيراً للتجارة والصناعة؛ وخلال مؤتمر “ إيجبت أوتوموتيف “ أعلنها صريحةً.. “ لا توجد استراتيجية؛ بل نعكف الآن على تقديم حوافز مختلفة للمُصَّنِع سواء لصناعة سيارات أو مستلزمات الإنتاج”.. وتنتهي فترة وزارته دون الخروج بمشروع القانون لاختلافات بين الأطراف العاملة في الصناعة آنذاك..
ويمر الزمن ويتوفى نصار قبل ظهور الاستراتيجية بأيام قليلة جدا لتأتي كما حلم بها..
مجموعة من الحوافز الاستثمارية المختلفة لمن يرغب في تجميع وتصنيع السيارات في مصر..
ظهرت أخيراً من خلال اجتماع معالي رئيس الوزراء مع مجموعة من شركات التجميع المحلية والعالمية الذي أعلن فيه عنها وعن الحزم المختلفة التي سيحصل عليها كل من يرغب في تجميع السيارات في مصر، بل هناك مميزات إضافية لمن يرغب في الإنتاج الكمي والتصدير.. بالإضافة إلى شرح بعض التفاصيل الهامة المتعلقة بالصناعة ككل، والتي من أهمها إنشاء مجمع تصنيع السيارات في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس.
ومن خلال متابعتي في اليومين الماضيين، بعد الإعلان عن الاستراتيجية .. ولأول مرة، لم أسمع كلمة نقد..الجميع وافق عليها..
بل هناك حماس ورغبة في التجميع للحصول علي الامتيازات الخاصة به..
والبعض الآخر يدرس حالياً التصدير .. نعم التصدير وخاصة للدول المجاورة في أفريقيا للحصول علي امتياز التجميع والتصدير معا..
وستشهد الأيام القادمة الإعلان الرسمي من قبل هذه الشركات عن هذا الأمر.
أفريقيا الملاذ الآمن
سعيد جدا ومتفائل بما سمعت ورأيت من خطط طموحة من قبل الدولة..
وسعادتي أكبر في اختيار هذا التوقيت تحديداً للإعلان عن الاستراتيجية..
فالدول الأوروبية لم تعد ملاذ آمن لهذه الصناعة لما تشهده من تغيرات كبيرة في الاقتصاد، وارتفاع جنوني في أسعار الطاقة، يجعل البحث عن بدائل هو الملاذ الآمن لهذه الصناعة..
وقد ذكرت هذا الأمر من قبل في مقالي حول كيفية استفادة قطاع السيارات من حرب أوكرانيا..
وهذا هو ما يحدث الآن..
ولا أقول ضرباً من الخيال؛ بل هو واقع فمثلاً أعلنت شركة سيموتونو المتخصصة في صناعة الضفائر، والتي تصدر منتجاتها للعديد من الشركات العالمية ومنها مجموعة ڤولكس ڤاجن العالمية وستروين وغيرها، عن عزمها توسيع عملها ومصانعها في مصر بهدف زيادة حجم التصدير.
كما أعلن المغرب الشقيق أيضا عن زيادة إنتاجه من السيارات والصناعات المغذية لها..
نعم أصبحت أفريقيا هي الملاذ الآمن الآن.. ولدينا الفرصة للنمو في هذا القطاع..
وبعد الإعلان عن الاستراتيجية؛ أتوقع تواجد كبير من الشركات العالمية لزيادة إنتاجها في مصر، ومع خروج مجمع تصنيع السيارات إلى النور إلى جانب بعض الأفكار التنموية الأخرى أتوقع أن تحدث نهضة اقتصادية وسياسية وسياحية في منطقة القناة، وهذا بالطبع سيعود علي السوق في مصر بالنفع.
ولأن هذه الفترة تشهد العديد من الإجراءات التي ستؤثر بالإيجاب بالتأكيد على قطاع السيارات؛ والتي لن يسعها مقال واحد، لذا سأستفيض في المقال القادم عن المجلس الأعلى للسيارات، وأعطي مساحة للحديث عن هذه الحوافز التي تضمنتها الاستراتيجية .. فللحديث بقية في المقال القادم (٢-٢).