الطعنة الثانية: قرار اشتراطات الإفراج عن السيارات .. ما بين التطبيق والتهليل (٢-٢)
تلقى سوق السيارات خلال الفترة الماضية طعنات قوية؛ ربما يسقط بسببها عدد كبير من العاملين داخل السوق، ويعلن وفاته رسمياً
الطعنات جاءت متتالية وسريعة وحادة جدا لا ينفع معها المضاد ولا المسكنات..
الطعنة الأولى تحدثت عنها الأسبوع الماضي؛ والتي جاءت صادمة للبعض ومريحة للبعض الآخر، وهي قرار المركزي بوقف التعامل بنظام التحويل البنكي والاعتماد علي الاعتمادات المستندية فقط.
أما الطعنة الثانية والتي أراها شخصياً طعنة متميزة كنت أنتظرها من سنوات؛ ألا وهي تفعيل قرار وزيرة التجارة والصناعة بشأن تنظيم عملية الاستيراد، وتحديداً السيارات، والذي جاء فيه ضرورة توفير مركز خدمة وصيانة لكافة الشحنات التي سيتم استيرادها، مع توفير مخزون كافي لقطع الغيار لا يقل عن 15% من إجمالي السيارات المستوردة خلال عام كامل، مع العلم بوجود لجان مراقبة بشكل دوري علي كافة الشركات التي تقوم بالاستيراد.
وفي الحقيقة لم يتوقف النقاش خلال الأسبوع الماضي في هذا الأمر، ودائما ما كان الخلط سيد الموقف بين قرار وزارة التجارة وبين قرار البنك المركزي، وسنرصد خلال الأسابيع القادمة ردود الأفعال بشكل مكثف.
وبشكل عام أري أن قرار وزارة التجارة والصناعة هو قرار ممتاز؛ وكنت بالفعل أنتظره منذ سنوات طويلة للحد من تلاعب صغار التجار ورجال الجمعيات ممن يقومون باستيراد سيارات بشكل عشوائي لا يتناسب معظمها مع طبيعة السوق المصري.
حيث يعتمد هؤلاء التجار في عملية الشراء علي التوجه لأقرب معرض في دول أوروبا لاستيراد حاجتهم أياً كانت، المهم أن تلبي الشكل المطلوب في مصر لزيادة مكسبهم، ثم دون أدنى مسؤلية يلقون بأمر هذه السيارات على عاتق الوكيل الذي يفاجأ بمنتجات لا يُسمح له باستيرادها أساسا من الشركة.
ومن هنا يتخلى الوكيل عن العميل؛ ولما لا فهو لا يعلم شيئاً عن هذا المنتج، ويطلب من العميل العودة للتاجر أو المستورد لإصلاح العطل، وطبعاً وبلا مناقشة يأتي التاجر الفصيح بمقولة: “ يا باشا بيشتغلوك انا هاعملك الصيانه والتصليح في مراكزنا المعتمدة وبضمان دولي “، ويفرح العميل بالخبر ولكنها فرحة زائفة، فالمركز ما هو إلا ورشة يقودها “ بليه “ صاحب الأصابع الذهبية الملم بكل شيء وأي شيء.
وفي الواقع فالمستهلك يذهب لهذه النوعية من التجار لسببين أولهما فرق السعر بين الوكيل والتاجر، والثاني هو أن هناك مواصفات متوفرة في هذه المنتجات لا تتاح للوكيل، وزغللة العين شعار التجار، ولا يهم المحافظة علي استثمارات المستهلك.. “ طظ فش “ .. ارحمو المستهلك
فالقرار كلام ممتاز من الوزارة، ومن وجهة نظري هو أفضل إجراء حدث لقطاع السيارات منذ سنوات طويلة، فربما يحد هذا القرار من العبث بالسوق والمستهلك؛ وأتوقع أن يتوقف هذا العبث قريباً جداً في حالة وجود مراقبة من حديد..
وطبعا مفيش حلو دائم ..
فتفعيل القرار والشروط المصاحبة له هي لطمة بمعنى الكلمة، وللأسف سيستمر هذا التفعيل..
فببساطة أرسلت الجهات المعنية بياناً بأسماء المنتجات التي يجب توفرها لتخطي بند الـ 15%، وللأسف ياليته لم يصدر..
فكل البنود المختارة هي موجودة بالفعل لدى أي وكيل مبتدئ وبنسب أعلى بكثير جداً من النسبة المشروطة، بينما البنود الهامة مختفية مثل المرايا الجانبية التي يعاني منها معظم المستهلكين لعدم توفرها بكثرة، وبنود أخرى كثيرة لن أتحدث عنها.
وما هي ضرورة تسجيل المركز في قائمة الرقابة الصناعية؟
وهل لابد أن يحدد المركز النطاق الجغرافي لعدد الوحدات التي تم استيرادها؟
وأين هي المراقبة الدورية علي هذه النسبة؟ …
في الواقع البنود المحددة من القرار مستفزة للغاية؛ لأنها ببساطة هي شروط أساسيه للحصول علي الوكالة من الأساس من الشركة الأم.
وهناك أسئلة أخرى تحتاج للإجابة عليها..
من قام بتحديد نسبة الـ 15%؟ ولماذا الإصرار عليها؟
ولماذا تحديد بنود هي في الأصل شبه أساسية؟
يا جماعه الخير لا يمكن بأي حال من الأحوال تحديد معدل ثابت لصرف قطع الغيار ، ولماذا تشترط مدة؟
من قام بتحديد أن الباكيه الواحدة هي أساس الحسبة في بيع قطع الغيار؟..
الكثير والكثير من الأسئلة التي تحتاج لمنصات صراخ وليس مقال
أرجو إعاده النظر في البنود لتكتمل الفرحة الحقيقية، ويعود سوق السيارات لعهده النظيف ويحصل المستهلك علي حقه الفعلي.