رب ضارة نافعة.. أزمة نقص الرقائق ساعدت صانعي السيارات!
ترجمة – مروة مجدي:
يعتبر المبدأ الأساسي الذي يوجه الاقتصاد هو العلاقة بين العرض والطلب والأسعار. إذ يزداد سعر سلعة ما عليها طلب عالي من الجماهير إذا نقصت من الأسواق على نحو مفاجئ. وفي الوقت ذاته، يشجع التنافس الموردين في الأسواق على زيادة الإمداد وخفض الأسعار محاولة منهم لكسب أكبر قاعدة من العملاء في الأسواق.
وفي واقع الأمر هذه هي اللعبة التي ظلت شركات فورد وجنرال موتورز ومن قبلهم شركة ستلانتيس محصورين بداخلها لعقود من الزمان بما لا ينفي أداء دورهم في إنتاج أكبر عدد من السيارات التي ترغب في بيعها وخفض أسعارها بتقديم حوافز وصفقات تجارية لجذب شريحة كبيرة من العملاء. نقلاً عن موقع بزينس انسايدر.
أزمة نقص الرقائق تضرب شركات السيارات في مقتل
وقد غيرت أزمة نقص الرقائق الالكترونية بهذا العام كل الموازين وضربت كل ذلك رأساً على عقب.
وقد اضطر صانعو السيارات لمواجهة القيود الفعلية المفروضة على هذا المكون الرئيسي لإنتاج سيارات أقل عدداً بكل ما يملكون من تلك الرقائق. وقد أعطوا الأولوية بطبيعة الحال للطرازات التي تلقى إقبالا عالياً وبالتالي تحقق كم أكبر من الأرباح.
وفي الوقت ذاته، يعني الانخفاض في الامداد الذي واجه كل العلامات التجارية مقدرة الموزعين من البيع دون اللجوء إلى المساومات التقليدية على سعر ملصق السيارة. وتمثل هذه النتيجة مكسباً مبهراً لشركات السيارات.
أزمة نقص الرقائق تحمل الخير في طياتها لشركات السيارات
وقد صرح مارك ويكفيلد، أحد مستشاري شركة الكس بارتنر في ديترويت، لموقع بلومبرج أن شركات السيارات بالولايات المتحدة الأمريكية تربح في الوقت الراهن ما يزيد عن المعدل الطبيعي بنحو 3 آلاف دولار عن السيارة الواحدة وأحيانا تصل إلى 10 آلاف عن سيارات بعينها من الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي.
وقد أوضح أحد موزعي الشاحنات المعدلة في أوهايو لموقع مورنيج برو أن وكالته قد أنهت صفقة مؤخراً استغرقت 52 دقيقة والتي كانت مسبقاً قبل أزمة نقص الرقائق تستغرق نحو 4 ساعات. والمدهش في الأمر أن معدل سعر بيع تلك الشاحنات يرتفع ليصل إلى ما يقرب إلى 100 ألف دولار ومع ذلك لايزال سقف مطالب العملاء مرتفعاً.
في حين أعلن جيم فارلي، المدير التنفيذي لشركة فورد شهر يونيو الماضي أن القوة التسعيرية المستحدثة مثيرة للغاية وأشار أن شركته لن تعود مجدداً إلى فترة تخمين وتوقع عدد السيارات التي تنتجها ثم تسوقها وصولاً إلى مرحلة البيع. كما أكدت ماري بارا، المدير التنفيذي لشركة جنرال موتورز، أن طلبات العملاء تلعب دوراً رئيسياً في استراتيجية إنتاج شركتها.
وقد أفاد كيفين تاينان، محلل السيارات بموقع بلومبرج، لموقع انسايدر في مطلع العام الجاري أن مجال الصناعة يحاول مراراً التخلص من الحوافز ونماذج الخصومات التي استمرت لسنوات عديدة.
أزمة نقص الرقائق لم تضرب كل الشركات كما يبدو ظاهراً
كما صرح ان ليست كل الشركات ضد أزمة نقص الرقائق الالكترونية والمضي قدماً حتى يصبح مجال الصناعة أفضل مما هو عليه الآن.
وقد أضاف ويكفيلد أن شركات السيارات ترتبط بصيغة واحدة من ألعاب أحد المحللين الاقتصاديين المفضلة وهي معضلة السجين وإجباره على المشاركة لكي يظل المخزون منخفضاً وترتفع الأسعار عقب حل أزمة طلب الرقائق.
وبمجرد انتهاء هذه الأزمة، وما أن تبدأ أول شركة في الاستكفاء بأرباح أقل للاستحواذ على نسبة كبيرة من السوق، فتحذو باقي الشركات حذوها وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل اجتياح هذا الوباء العالم. (وقد منع القانون الفيدرالي الشركات من محاولات التنسيق لإعداد استراتيجياتها).
ويتوقع تينان أن تتخلى شركات السيارات التي حققت هوامش ربح أفضل مما سبق أثناء هذا العام عن الأسلوب القديم الذي كانت تتبعه سابقاً. وهو ما يعد حدثاً سعيداً بالنسبة لشركات السيارات والمستثمرين، ولكنها تعني في الوقت ذاته أنها تجبر المنتفعين على الاستمرار في ظل اختيارات أقل وأسعار أعلى في حين تمضي أسواق السيارات المستعملة إلى الأمام.