وقود بدون رصاص لأول مرة منذ عام 1923
ترجمة-مروة مجدي:
مما لا شك فيه أنه لا غنى عن وقود السيارات والمركبات الأخرى لكل شعوب العالم، رغم أن بعض أنواع الوقود قد تحمل من الأضرار ما يمس الصحة العامة والبيئة المحيطة إلى حد كبير ولكن لازالت كل دول العالم في أمس الحاجة إليه مهما كانت الأضرار الواقعة على شعوبها. وتتصارع بعض شركات النفط من أجل البقاء وجني الأرباح بغض النظر عما يؤدي إليه، وفى المقابل تعمل الجهات المعنية بالمحافظة على البيئة والصحة العامة على إصدار قوانين من شأنها منع هذا الوقود ووقف التعامل به محاولةً منها للمحافظة على البيئة ودرء الأمراض التي قد تصيب بعض من أبناء هذا الكوكب والتي تنجم عن استخدامه.
الأمم المتحدة تحسم الأمر تجاه الوقود المحمل بالرصاص
للمرة الأولى منذ عام 1923، لن يتمكن أي سائق على سطح هذا الكوكب من شراء وقود محمل بالرصاص بشكل قانوني. فقد أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه سيتم وضع حد بشأن المخلفات السامة التي تنجم عن الوقود المحتوي على نسبة عالية من الرصاص. واتجهت الجزائر وهي آخر دولة على سطح هذا الكوكب لاتزال تستعمل هذا الوقود، في النهاية إلى وقف التعامل به على نحو تدريجي. نقلاً عما ورد من موقع كار سكوب.
صرحت اينجر أندرسون، المدير التنفيذي بهذا البرنامج أن “تطبيق الحظر على الوقود الذي يحتوي على نسبة عالية من الرصاص حدث لا يمكن إغفاله لصالح الصحة العالمية والبيئة التي نحيا في محيطها”.
وتبشر عملية إضافة الرصاص رباعي الايثيل إلى الوقود في محاولات من شركة جنرال موتورز عام 1921 لتطويره بانطلاقة من شأنها توليد الطاقة لجيل آخر من السيارات والطائرات والموتوسيكلات بفضل قدرته في التحكم في أعطال المحركات “خبط المحرك”.
الوقود المحمل بالرصاص يحمل أضراراً تمس الصحة والبيئة
وأعرب روب دي جونج، رئيس حركة النقل المستدام بالبرنامج عن أسفه مشيراً إلى “خطورة النفط الذي يحتوي على قدر عالي من الرصاص والذي يعد إنتاجه خطاً فادحاً منذ البداية بغض النظر عن عدم إدراك المستهلكين ذلك في حينه” وأضاف قائلاً ” سيظل العالم بأسره يعاني من عواقب هذا الخطأ لقرن على الأقل”.
وشارف هذا الوقود على الانتهاء في جميع أنحاء العالم، وأعلن البرنامج عن نتائج حملة دامت لنحو عشرون عاماً جمعت بين العلم والتوعية العامة والعمل السياسي سوياً. ووفقاً لما أقره البرنامج، فقد أنقذ هذا الحظر الذي طبق على الوقود المحمل بالرصاص أرواح الكثيرين والذي وصل عددهم إلى 1.2 مليوناً وأصبح بمقدور العالم توفير نحو 2.4 ملياراً من الدولارات تدفع نظير نفقات الرعاية الصحية وغير ذلك من المصروفات.
وفى سياق آخر، أعرب مايكل ولش، الرئيس السابق لبرامج مكافحة تلوث السيارات بالاشتراك مع وكالة حماية البيئة الأمريكية، عن رأيه قائلاً “سيشهد العالم أنها أكبر قصة نجاح نعد الوحيدة من نوعها في مجال البيئة”
الدول الفقيرة لازالت تركض الوقود الضار
ورغم توفر الوقود الخالي من الرصاص دولياً في الولايات المتحدة الأمريكية بدءاً من 1975 إلى أن تم حظره في 1996، تجاهد الدول الفقيرة من أجل الوصول لهذه النقلة.
أبدى ولش أسفه قائلاً “الأمر الذي يدعو إلى الأسى أن هذه الدول تحصل على أسوأ أنواع الوقود” وأضاف أن “الشعوب الأضعف صحياً تتعرض لحالات التسمم نتاج هذا الوقود”.
ولا يزال الوقود المحتوى على قدر من الرصاص متواجد في 117 دولة حتى الأونة الأخيرة عام 2002 وتقع كل دول القارة الأفريقية ضمن هذه الدول، نظراً لمعاناة المواطنون الذين يحيون في المدن المتنامية. وقد نشر البرنامج دراسات تكشف حقيقة الأساطير التي تشير إلى مدى تأثر المحركات من الوقود الخالي من الرصاص وتحث الحكومات لهذا السبب على تحديث المعايير الخاصة بتلوث الهواء ضمن إجراءاتها الأخرى.
شركات النفط تتحايل على القانون من أجل مصالحها
وبحلول عام 2006 وقعت الصحراء الكبرى بأفريقيا في نطاق المناطق الخالية من الرصاص. وعلى مدار الخمسة عشرة عاماً اللاحقة، ناضل البرنامج لتخليص بقية الدول من الرصاص الرباعي الايثيل وواجه مقاومة شرسة شنتها شركة اينوسبك، ومقرها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، نظراً لكونها آخر شركة لازالت تصنع هذا المنتج.
ومع تراجع عديد من الدول، اشتعلت الأسواق أكثر وتوجهت أصابع الاتهام إلى شركة اينوسبك بسبب رشوتهم المسئولين في دول مثل أندونيسيا والعراق. وعلى مدار العقد الماضي زادت أعداد الدول التي توقفت عن طلب هذا الوقود. وفى عام 2020 أعلنت الجزائر بشكل نهائي عن توقف شركة النفط الحكومية لديها طلب هذا الوقود وتسير بخطوات واسعة تجاه الاستغناء التام عنه.
وأضاف ولش هذا السياق انه ” لست بالطبع متفائلاً بشأن التغير المناخي، ولكن بمقدورنا الاعتراف أننا قد انتهينا بنجاح من مشكلة الوقود المحمل بالرصاص في النهاية. الأمر الذي يبعث مزيداً من الأمل ولهذا يتعين علينا القيام بعمل مماثل تجاه غيره”.