العالم يعيش مخاوف في ظل نقص المواد الخام اللازمة في المصانع
ترجمة- مروة مجدي:
لازال نقص الرقائق الالكترونية يفرض نفسه على كبرى شركات السيارات عقب انتشار جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى تعليق الإنتاج في خطوط إنتاج الشركات، بل ووصل الأمر إلى إغلاق مصانع تعمل على توريد احتياجات شركات السيارات. ولم يمس الأمر دولة بعينها بل صار كالوباء الذي انتشرت عدواه لتصل إلى مصانع وشركات عديدة في العالم بأسره. ولم يكتف هذا الوباء بذلك فقط بل امتد الأمر ليؤثر على توريد المواد الخام التي تتطلبها هذه الشركات لاستكمال باقي عملية الإنتاج. ولازالت شركات السيارات الكبرى تعيش أزمة طاحنة وصراع لا ينتهي عقب نقص الرقائق الالكترونية، أضف إلى ذلك تحذيرات المسئولين بهذه الشركات عن مشكلة نقص مواد أخرى، ومن ضمنها السيلكون. فقد أعرب كلا من هيربرت ديز، المدير التنفيذي لفولكس فاجن، وأوله كالنيوس، المدير التنفيذي لشركة دايملر، وانضم إليهما جانر هيرمان، رئيس مجلس إدارة فورد لموقع سي إن بي سي أثناء معرض ميونخ موتور شو الذي أقيم في أوائل شهر سبتمبر الجاري عن مخاوفهم التي سطعت بسبب هذه المشكلة العويصة وصعوبة التنبأ بتوقيت انتهائها في الوقت الحالي.
جائحة كورونا تغلق الأبواب في وجه بعض الشركات
وصرح ديز أن “الشركة الألمانية فقدت سوق عظمى مثل السوق الصينية نظراً لنقص هذه الرقائق وهو ما أضر بالشركة كثيراً وأضعف موقفها نسبياً. إذ أن الضرر الواقع على الشركة بسبب الأسواق الصينية أكثر بمراحل من باقي الأسواق الأخرى على مدار العالم، وهو ما أدى إلى خسارة حصة ليست بالقليلة في المبيعات” كما أضاف أن “الزملاء بالشركة العاملون في الصين يبذلون قصارى جهدهم من أجل الحصول على مزيد من هذه الرقائق” واصفاً إياها بأنها تعد الشغل الشاغل للجميع.
وكانت الشركة الألمانية العريقة والكائن مقرها في فولفسبورغ تتوقع تحسناً بصدد مشكلة الرقائق الالكترونية عقب الإجازات الصيفية لكن لم تصح هذه التوقعات؛ إذ ضربت جائحة كورونا ماليزيا مؤخراً بشدة، وهي دولة تحوي عديد من موردين شركة فولكس فاجن وامتدت آثار الجائحة إلى إغلاق مصانع عديدة. وبحسب ما ورد في مواقع أخرى صرح المتحدث الرسمي بالشركة الألمانية للوكالة الفرنسية ايه اف بي أنها بصدد خفض الإنتاج في المصنع الأم نظراً لنقص هذه الرقائق، وان العمل سيقتصر فقط ليتناسب مع وضع الامداد بخط مصنع فولفسبورغ في الوقت الراهن، وسيتم تعليق إنتاج السيارات اعتماداً على إنتاج دورية العمل الباكرة، بالإضافة إلى تعلق استئناف إنتاج بعض الخطوط في ألمانيا بحسب حالة امداد الموارد وتقلباتها.
كما يعتقد ديز أن “مشكلة الرقائق لم تلبث وأن تتلاشى إذ تحاول شتى الدول التعامل مع الجائحة والحد من حركة السفر والتنقلات، ولكن من المتوقع أن يستمر هذا النقص لوقت ليس بالقليل نظراً لتطور انترنت الأجهزة بسرعة تفوق كل التوقعات، وعلى هذا الأساس علينا مواجهة كثيراً من القيود والتعامل معها”
بحسب تقديرات هيرمان في الوقت ذاته أن نقص الرقائق الالكترونية قد يستمر إلى 2024 مضيفاً انه من الصعب تحديد وقت انتهاء هذه الأزمة على وجه الدقة. في الوقت ذاته أعلنت الشركة اليابانية تويوتا تخفيض إنتاجها بنسبة 40% خلال شهر سبتمبر.
السيارات الكهربائية تشكل سبباً رئيسياً في أزمة الرقائق الالكترونية
ويعتقد أن السيارات الكهربائية هي أحد أهم أسباب تفاقم هذه الأزمة. فعلى سبيل المثال: يستهلك موديل السيارة فورد فوكس نحو 300 من الرقائق الالكترونية في الوقت الذي تستهلك أحد موديلات فورد الكهربائية الحديثة ما يصل إلى 3000.
شركات السيارات تفاجأ بمشكلة نقص المواد الخام
لم يجد العالم بأسره حلولاً بعد لمشكلة نقص الرقائق ليتفاجأ بمشكلة أخرى ونقصاً من نوع آخر وهو نقص المواد الخام. إذ افاد هيرمان أن المشكلة لا تكمن في الرقائق فقط فورد تواجه أزمة حقيقية مستجدة يتعين على الجميع التعامل معها، وهي نقص المواد الخام مثل الليثيوم والبلاستيك والصلب. فطوال الوقت نتعثر إما في نقص الامداد أو الإجراءات والقيود التي تفرضها الدول” وأضاف أنه “مما لا شك فيه أن نقص المواد الخام وارتفاع أسعارها سيؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أسعار السيارات”.
وفى سياق متصل أشار هيرمان أن “رغم عدم الاستقرار الذي نجم عن الظروف التي نعيشها، ارتفع الطلب على سيارات فورد على نحو لا يصدق”. وفى سياق آخر أعرب كالنيوس عن أمله ان يكون الربع الثالث هو آخر ما يواجهونه من معاناة ونقص في الامداد والذي يبدو أنه أكثر الفترات تأثراً بهذا الأمر، وإن كان يأمل في ذات الوقت يحمل الربع الرابع الأمل في النهوض مرة أخرى وتعويض ما فاتهم عقب ما لاقوه من حالة عدم الاستقرار في الإنتاج وهو ما يتعين التعامل معه بحكمة. إذ شكل نقص الرقائق الالكترونية ضرراً بالغاً بصناعة السيارات أكثر من المجالات الأخرى، الأمر الذي اضطر خطوط مصانع عديد لتعليق انتاجها أو إغلاقها، وشحن بعض السيارات لبيعها في الوقت الراهن دون عناصر تعتمد في الأساس على الرقائق الالكترونية.
في حين يزداد الأمر سوءاً في المملكة المتحدة إذ هبط إنتاج السيارات على نحو مخيف في شهر يوليو الماضي مسجلاً أسوأ أداء منذ 1956
الرقائق الالكترونية أزمة تتصاعد دون بصيص أمل في حلها
وعلى جانب آخر، أوضحت شركة بوش الالمانية والتي تمثل أهم مورد لقطع غيار السيارات أن الرقائق الالكترونية في سلسلة الإمداد أصبحت تشكل عائقاً. إذ صرح هارولد كروجر، أحد أعضاء مجلس إدارة بوش لموقع سي إن بي سي أن “الطلب على الرقائق الالكترونية في كل المجالات بدءاً من السيارة وحتى بلاى ستيشن 5 وفرش الأسنان الالكترونية قد تصاعد خلال العام الأخير”.
كما صرح المدير التنفيذي لشركات بورش وسكودا وسيات أن “الأمر قد طالهم كذلك ويشعرون بذات المعاناة بسبب نقص هذه الرقائق”. فبناء على ما ورد على لسان أوليفر بلوم، مدير شركة بورش أن “نقص هذه الرقائق تؤدي إلى تعلق خطوط الإنتاج ويأمل أن ينتهي هذا الأمر قريباً إذ أن الأمر قد طال بشكل يفوق كل التوقعات إذ وصل انتظار العملاء إلى 6 أشهر أو أكثر لاستلام السيارات التي طلبوها.